ما هى الطريقة الأمثل لتقديم الحجارة الطبيعية؟

 

يقول المثل اللاتيني الشهير والذي لا يزال يثير الجدل: De gustibus et coloribus non disputandum est "عن الذوق والألوان لا يجوز الجدل"، وبالفعل لا يجوز الجدل في شأن الذوق والألوان. ولماذا لا يجوز الجدل عن هذه المسائل؟

الإختيار والإنتقاء هو من السلوك الطبيعي للإنسان.

ما يجعلنا نختلف عن الحيوان هو أننا نمتلك القدرة على الإختبار ومن العوامل الأساسية التي لها دور في ذلك هو عامل العواطف، فنظرتنا للشيء هي الفيصل، وكل فرد يرى الأشياء على طريقته، كلنا نرى الأشياء بحسب منظار كل طرف، حيث توجد عوامل شخصية تؤثر على قراراتنا، فالطريقة التي نتطرق بها إلى الأشياء، أفكارنا المسبقة، سوابقنا الشخصية، ثقافتنا، أهدافنا أو حتى جنسنا، ففينا من يثير اهتمامه عالم الأحذية وفينا من يشغفه عالم السيارات.

لا نستطيع تغيير أحكام الفيزياء ولا يجب علينا أن نحاول ذلك، بل بامكاننا القيام بما يؤثر على الظروف التي سنقوم ضمنها باتخاذ قراراتنا. إننا لن نستعمل معك أدوات التسويق لبيع المنتوجات التي لا تحتاجها، فهذا لا ينطبق على الحجارة الطبيعية، فجميعنا على دراية بتلك الحيل التي يلجؤون إليها في المراكز التسويق، حيث يعمدون إلى بناء أبراج كبرى باستعمال منتوجات لا تحتاجها بهدف المس بتركيز المستهلك وجعله يشتري بشكل عشوائي، كذلك وضع منتوجات معينة على مستوي العين، والتغيير المنتظم لترتيب المنتجات المعروضة، واختيار موسيقى مناسبة، وروائح الأطعمة الطازجة، وما إلى ذلك من حيل.

بالنسبة للحجارة الطبيعية فإنه من الضروري أن يتم عرضها ضمن محيطها الطبيعي، فالمنتوجات المخصصة للخارج يجب أن تعرض في الخارج حيث تواجه العوامل الطبيعية، أما المنتوجات الموجهة للداخل فيجب أن تعرض في شكل منتوج نهائي. من أهم المعايير المتعلقة بالحجارة الطبيعية وفقاً للعديد من المواصفات الأوروبية هو أنه يجب معاينة الحجارة حينما يكون سطحها جافّاً وبدون إنارة مائلة وعلى مسافة مترين ومن زاوية عمودية بالنسبة للسطح (انظر الرسم 1)، هذا نموذج نظري يمكننا من معاينة كل حجارة في نفس الظروف.

وجهة النظر الواقعية

هذه القاعدة لا تنطبق في العديد من الحالات، فمن الأفضل بكثير عرض الحجارة ضمن نموذج منتهي الإنجاز، فهكذا نتجنب عرض الحجارة في شكل عقيم، فمعاينة عينة من الحجارة لا تملك وقع معاينة حجارة طبيعية في حجمها الكامل، فما يعاينه المرأ هو ما سيتحصل عليه في انجازه النهائي. فالحجارة الطبيعية المعدة للأرضيات يجب أن تعرض أفقيّاً، أوجاق المطابخ والحمامات يجب أن تعرض بدورها على مستوى الخصر، وبطبيعة الحال يجب عرض العناصر العمودية كأغلفة الجدران عموديّاً.

على المرء اليوم اعتبار الكم الهائل من التشطيبات وغزارة المنتوجات الموجودة، حيث أننا نستطيع استعمال الحجارة الطبيعية في العمارة في مجالات شتى إذا ما أردنا أن نضمن الديمومة، النجاعة والجمال.  

هناك جانب آخر يجب أخذه بعين الاعتبار ألا وهو مصدر النور، حيث تشير المواصفات الأوروبية إلى نور النهار الطبيعية، نور مكسورة ولا  نور الشمس المباشرة ولا أيضاً التنوير الإصطناعي، نور تشبه نور يوم غائم، إذا النور الإصطناعية بالنسبة للتطبيقات الداخلية ونور الشمس بالنسبة للخارجية، هكذا نكون أقرب من الواقع، وليس فقط عامل النور الذي يغير مظهر الحجر بل أيضاً اتجاهها بالنسبة لمختلف مصادر النور، فبالتالي حتى ولو كان وجق المطبخ وواجهة الجدار من نفس الحجارة فإنهما تبدوان مختلفتين بحكم تواجدها على زاويتين مختلفتين.   

وبالتالي فإن عرض الحجارة الطبيعية بشكل واقعي يخول للزبون أخذ قرار قائم على الحجارة المنتقاة، هذا يعني اعتبار مختلف الخصوصيات والميزات التي يتمتع بها كل صنف من أصناف الحجارة، فعندما تكون الحجارة غير متجانسة كثيراً ذات ألوان مختلفة وعروق عديدة، من الأفضل عرضها بابراز جميع جوانب بهائها، وألاّ ننس أن الحجارة الطبيعية هي منتوج حي لذا علينا أن نتعامل معه على هذا الأساس.

المتجانس إزاء اللامتجانس

من لا يعرف العينات الصغيرة من الحجارة المصفوفة في تلك العلبة الصغيرة التي يستعملها ممثلو الشركات لتقديم منتوجاتهم؟ علينا أن نؤكد هنا أن هذه الطريقة ليست الطريقة الأمثل لبيع الحجارة الطبيعية، فحتى الحجارة الأكثر تجانساً تختلف مقارنة بعينتها، حيث أن أغلبية الحجارة تحتوي على تجمعات معدنية، بعضها بكميات صغيرة والبعض الآخر بكميات أكبر بكثير، وبالتالي فإن الإقتناء باعتماد عينات صغيرة أو الكاتالوج ليس بالطريقة الأمثل.

بودي أن أتطرق إلى أوجه الاختلاف بين الحجارة المتجانسة والحجارة الغير متجانسة من زاوية مختلفة، فإنه ليس من السهل تحديد ووصف المادتين بشكل واضح، حيث لا توجد معايير علمية تحدد متى يكون الشيء متجانس أو غير متجانس، وبالتالي فإنه علينا نحن أن نحدد هذه المعايير. يمكننا أن نعتبرها حجارة متجانسة تلك التي لها لون واحد واللامتجانسة عكس ما ذكرنا، وكل حجارة تحتوي على معادن مثل المايكا والفلدسبار والبيوتيت، والتي تعطي لكل حجارة طابعاً خصوصيّاً، وحتى إذا وجدت معادن عديدة في الحجارة فقد تكون متجانسة، فعندما تكون المعادن موزعة بشكل متوازن تبدو لنا الحجارة كأنها متجانسة وحينما يوجد توازن أقل في توزيع هذه المعادن تكون الحجارة غير متجانسة.

في الحجارة المبقعة مثل صنف لابرادور و بارادييو فإن اللون الرئيسي واضح وضوحاً تامّاً، فهذه المواد تحتوي على العديد من المعادن ولكن بما أن هذه المعادن هي جزء من الحجارة فإن هذه الأخيرة تظل حجارة  متجانسة، غير أنه هناك من يعتبرها حجارة لامتجانسة، فعليك أن تقيم بنفسك.

ففي بعض البلدان يختار الناس الحجارة الطبيعية باعتبار مظهرها السلس والمتجانس. إن مظهر الحجارة يعود إلى هيكليتها في المحجر وإلى أعمال الإنتقاء التي تجرى على الميدان. فعندما يقوم المشرفون على المحجر بعملية الانتقاء، هناك من يظن أنه بامكانهم اختيار كل حجارة على مزاجهم، وهذا الظن بعيد كل البعد عن الواقع، فالانتقاء هي أداة تسويق، فالحجارة الطبيعية لا تحتاج إلى انتقاء، ولكن بما أن عمليات الإنتقاء واردة فإنها تمكن المحجر من بيع مواد داكنة ومواد فاتحة على حدة، أو يمكن بيعها مختلطة. في اعتقادي الشخصي هو أنه إن أردتم اقتناء حجارة طبيعية لمشروع ما، فاطلبو حجارة طبيعية لا غير، فالحجارة الطبيعية هي مادة نبيلة يفخر بها صاحبها. ولكن لا شك من أن المسألة هي مسألة ذوق، ولا أحد مخول للجدال في مسألة الذوق، فمهما كانت الحجارة التي تختارونها فستظل دائما حجارة طبيعية تضمن لكم المردودية بفضل دوامها.

مواد نزيهة

مهندسو الديكون ينعتون الحجارة الطبيعية بالمنتوج النزيه، فهي الطبيعة في تمام جمالها، ما تراه هو ما يوجد حقّاً، غير أنها بلا شك تجرى ومجرى الموضة، ولكن إذا أصاب الباعة في فهم ما يرغب فيه المشتري، فقد حسم الأمر.      

 

Sections