الرخام الأحفوري المغربي

نعثر على هذا النوع الغريب من المواد في قلب الصحراء الكبرى وهذا النوع من الرخام يحفو بقبول وباعجاب كبيرين نظرا لقيمته التزويقية ويوجد تحت رمال الصحراء التي كانت مغطات بمياه البحر قبل ملايين السنين، وهكذا كانت مشيئة الطبيعة وكأنها أرادت أن تخلد وجود سكان هذه المياه الأوليين بتحجيرهم وكانت النتيجة من ذلك تكوين رخام فريد من نوعه يروي لنا تاريخه وكأن كل قطعة من قطع هذا الرخام تمثل صفحة من صحفات موسوعة نستطيع من خلالها التطلع على الحياة القائمة في تلك العصور.

ويوجد نوعان أساسيان من هذا الرخام : ذو اللون الأسود وذو اللون البني المائل إلى الحمرة ويمكن معاينته شكلين من الأحفور على هذا النوع من الرخام، المستطيل والمدور وذلك حسب الحيونات التي بقيت متحجرة عليه وهو رخام من النوع الصلب ويوظف خاصة في مجال التزويق.

وتندرج في إطار العديد من الجولات السياحية بالمغرب الأقصى زيارات إلى مناجم هذا الرخام ونسجل أحياناً أن بعض السياح يحملون معهم بعض قطع الأحفور كتذكار أو لبيعها عبر شبكة الأنترنت.

الأحفور تنكشف أسراره

خلال عصر الديفونيكي الأعلى (في بداية الفترة الثالثة من من العصر البدائي) وحيث كانت تعيش الحيتان ظهرت أول النباتات الوعائية وكذلك الرواسب والأحفور. ويقدر أن ذلك قد حدث منذ 340 إلى 380 مليون سنة حسب الدراسة التي قام بها الباحث الجيولوجي المختص بعلم الأحافير لمخبر كلية العلوم بمنبيليي بفرنسا الأستاذ سيمون دي هيديلبارغ الذي أقر بأن مختلف أصناف الرخويات الموجودة خلال الفترة المذكورة كانت من آكلات اللحم، أما الأحفور الذي عثر عليه فهو من صنف الأرتوسير أو من الصدف المتحجر أسلاف الحبار أو الكالامار، أما ذات الشكل اللولبي فهي من أسلاف ذوات الارجل البطنية البحرية أو صدف البحر.

وتختلف أحجام الأصداف الحلزونية أو "الأمونيت" من المتر والنصف أكبرها إلى ما دون السنتمترين وقد طورت هذه الأصداف الحلزونية خلال العصر الجوراسي والعصر الكريتاسي أصدافاً أكثر ايروديناميكية وأصبح هيكلها أقوى وأمتن، كما ظهرت أنواع جديدة ومختلفة من الأصداف.

أما أحافير "الأرتوسير" وهو ما يعني اسمه "مستقيم القرن"، فهي نوع فريد من أنواع الأحفور متأتي من كائن حي من صنف رأسيات الأرجل أو "السيفالوبود" كان قد عاش منذ حوالي 400 مليون سنة في أوروبا وشمال افريقيا.

ويمكن بواسطة المجهر معاينة العديد من الأحفور المكروني وخاصة منها من صنف الثلاث قبب أو من صنف النيلوفر والتي مع الأصداف التي يمكن معاينتها بالعين المجردة نظراً لحجمها شكلت الرواسب خلال العصر السيلوري السابق للعصر الديفونيكي.


وقد استلزم لتكوينها :

تتالي افرازات المياه العميقة (ما بين 60 و 80 سنتمتر من المياه) التي تسببت في تمازج هذه المجمعات المائية أو استلزم ارتفاع وعر وشديد للترسبات البحرية دون حدوث انفجار بركاني.

وتفوق كثافة هذه الطبقات كثافة طبقات الرخام بقليل، وعلى سماكة سنتمترين يكون معامل المقاومة 10,0292 كغ للسم المربع نقطة الاصطدام على كل من التكتل كذلك على الأحفور.

وتقع محاجر الأحفور في قلب الصحراء الكبرى المغربية وأغلبها توجد في ارفود ويتراوح معدل انتاجها ما بين 200 و 250 طن شهرياً ويتم استخراجها بطريقة تقليدية باستعمال معدات جد بسيطة ويتم نقل الكتل المستخرجة على متن شاحنات نحو المدن حيث يتم تحويلها إلى ألواح أو تقطع حسب مقاييس الطلبيات. ويختلف حجم الكتل بحسب نوع الرخام فأكبر الكتل هي كتل الرخام الأحفوري الأسود ويتم قطعها على وحدات النشر، أما كتل الرخام البني فهي أضغر حجماً وجرت العادة أن توظف لصنع أشياء كمائدات القهوة وأحوض الماء أو أشياء الزينة التي لا يتجاوز عرضها المتر الواحد.

ومن الصعب تحديد عدد الشركات التي تهتم بالعمل بهذه المادة في المغرب الأقصى كما توجد شركات أخرى تختص في شراء الرخام الأحفوري قصد تصديره وتعد الولايات المتحدة من أهم أسواقه كذلك الكندا وبعض البلدان الأوروبية كبريطانيا وألمانيا.

ولا تخفى على أحد إلى جانب طبيعة هذه المواد التزويقية قيمتها التحفية الفائقة إذ تختص كل قطعة منها بفرادتها وهو من باب الحظ أن تتاح لنا الفرصة اليوم لنشاهد ونتمعن منذ بيوتنا على نماذج من أوائل أشكال حياة عالمنا وهو امتياز كان منحصرا إلى حد الآن بعلماء الاحاثة ولكن من اليوم تمتد هذه الامكانية إلى كل ولوع بطبيعة الماضي والمستقبل.

نوجه شكرنا إلى السيد ﺥ . مرسلي (بريد الكتروني : stonebiz@europe.com) مدير تصدير شركة MAR TRA GRA لما مدنا به من معلومات مفيدة مكنتنا من تحرير هذا المقال.